معاوية بن أبي سفيان
هو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي. أبو عبد الرحمن. أمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية. أسلم هو وأبوه يوم فتح مكة وشهد معه وقعة حنين قربه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمه إلى كتاب الوحي. أرسله الخليفة أبو بكر على رأس جيش مددا لأخيه يزيد بن أبي سفيان وكان أبو بكر قد وجه يزيدا من قبل لفتح الشام وقد حارب معاوية تحت إمرة أخيه وتولى قيادة الجيش الذي فتح صيدا وبيروت وغيرهما من سواحل الشام ولما توفي يزيد بطاعون عمواس استخلفه أبو بكر على دمشق ثم أقره عمر بن الخطاب ولما توفي عمر وتولى الخلافة عثمان بن عفان جمع له ولاية الشام كلها وضم إليه الجزيرة وأرمينية وأصبح حكامها تحت أمره يوليهم ويعزلهم, وظل أميرا عشرين عاما وخليفة عشرين عاما. وقعت بينه وبين علي بن أبي طالب حرب صفين سنة 37هـ وبايعه أهل الشام بالخلافة بعد حكم الحكمين. تعاهد الخوارج على قتله وقتل علي وقتل عمرو بن العاص فنجا من القتل هو وعمرو وقتل علي. صالحه الحسن بن علي وبايعه بالخلافة على أن يعهد بالخلافة إليه من بعده, وسمي ذلك العام (عام الجماعة) (لإجماع المسلمين على إمام واحد) . أشار عليه المغيرة بن شعبة أن يعهد بالخلافة لابنه يزيد, فوافق هوى منه, ومن أجل ذلك أبقاه واليا على الكوفة بعد أن كان عازما على عزله منها, وسار على نهجه الخلفاء بعد ذلك في عهد الخلافة لأبنائهم أو لإخوتهم. هو أول من وضع البريد في الإسلام وأول من اتخذ ديوان الخاتم لختم الوثائق التي تصدر عن الخليفة. أمر أن ينقل منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام فلما حرك من موضعه كسفت الشمس حتى رؤيت النجوم بادية, فأعظم الناس ذلك, فقال: لم أرد حمله وإنما خفت أن يكون قد أرض (أي أكلته الأرضة) فأدرت النظر إليه, وأمسك عن نقله وكساه. كانت صفات معاوية كثيرة, وقد أهلته للنجاح في المنصب الكبير الذي تولاه فكان جيد السياسة حسن التدبير لأمور الدنيا, عاقلا حكيما, فصيحا, بليغا, يحلم في موضع الحلم ويشتد في موضع الشدة, إلا أن الحلم عليه أغلب, وكان كريما, باذلا للمال, وكان يقول: إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني, ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت, كانوا إذا مدوها أرخيتها, وإذا أرخوها مددتها, وكان يقول: ما من شيء ألذ عندي من غيظ أتجرعه. وأغلظ له رجل فأكثر, فقيل له: أتحلم عن هذا؟ قال: إني لا أحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا.
Continue reading →